فى حياة كل منا لحظة تغير مسار حياته إلى طريق آخر، إما إلى الأفضل وإما إلى الأسوأ وفى حياتى لحظة هامة من هذه اللحظات ورغم أنها أكثر لحظات حياتى ألماً وأشدها قسوة إلا أنها اللحظة التى أتمسك بها حية فى ذاكرتى وأرجو أن تبقى معى إلى الأبد لأتمسك بحياتى الجديدة، كنت مدمناً للمخدرات وأفعل أى شيء للحصول على المخدر ورغم المحاولات المضنية التى حاولت زوجتى اللجوء إليها لتبعدنى عن دائرة الإدمان إلا أن شيطانى كان أقوى منها وظللت طويلاً أهوى فى هذا المنحدر.
ذات مساء عدت إلى منزلى تحت تأثير المخدر وحينما شعرت زوجتى بعودتى آثرت ألا تحتك بى وأنا فى هذه الحالة وانصرفت فى هدوء إلى غرفتها ولكن ولدى هرول إلى فرحاً بتواجدى النادر بالمنزل وهو يفتح ذراعيه ليحتضننى ... قابلته ببرود ولم ألقى إليه بالاً ... شعر الطفل بالانكسار فجلس يبكى ... هرولت أمه على صوت بكائه وحينما سألته قص عليها ما حدث، التفتت تجاهى وهى تقول فى غضب تحاول أن تسيطر عليه "إن كنت تنوى أن تعيش فى هذه الحالة إلى الأبد فعلى الأقل لا تكسر بخاطر الصغير وأحسن معاملته" ... لم أرد عليها وأشحت بوجهى بعيداً فأضافت "لقد تعبنا من هذه الحياة، لابد وأن تجد لنا حلاً، أصبحنا لا نطيق ذلك" تملكنى الغضب من كلماتها ولم اشعر بنفسى إلا وأنا أحاول سحبها من شعرها لأخرجها من المنزل الذى لا تطيق الحياة فيه ... قاومتنى كثيراً وهى تصيح "هذا منزل ولدى ولن أتخلى عنه لمدمن مثلك ليدنسه ويحوله لوكر لتعاطى المخدرات" ... كان بكاء طفلى يعلو وهو يحاول استعطافى كى أترك أمه وشأنها ... استطاعت زوجتى أن تفلت من يدى وتهرول لتحتضن الصغير كى تهدئ من روعه ... فتحت باب المنزل وخرجت غاضباً ... لاحقنى طفلى وهو يرجونى أن أبقى معه ... كان عنادى يدفعنى دفعاً إلى الخارج ... طفلى ينادينى "أحبك يا أبى وأريدك أن تبقى" ... عبرت الطريق وأنا لا اعرف إلى أين أذهب ... خرج الطفل ورائى إلى الشارع وبكائه يعلو ولكنه مازال يرجونى أن أعود ... صوت أمه من بعيد تطلب منه أن يرجع إلى المنزل ... صرير عجلات يعلو ويصاحبها صرخة الطفل ... نظرت ناحيته ... لم أكن أبعد سوى خطوات ... جسده ملقى على الأرض والدماء تنزف منه بغزارة وتغطى جسده الرقيق ... وجهه تعلوه ملامح ملائكية ... كيف لم انتبه من قبل أن لطفلى هذا الوجه المشرق ... أكاد أقسم أنه كان يبتسم لى ... أى أحمق أنا كى لا أشعر بهذه الابتسامة إلا وهى تفارقنى مع صغيرى بلا عودة ... بعد لحظات حاول سائق السيارة الفرار ... حاولت جاهداً التعلق بنافذة السيارة كى أمنعه من الهرب ... جسدى الذى أنهكته لحظات المتعة الزائفة مع المخدرات لم يحتمل تعلقى بالنافذة طويلاً وسقطت على الأرض ... فقدت أحد أصابعى فى هذه المحاولة الفاشلة ... أغرق فى غيبوبة ... صراخ زوجتى يلاحقنى "أنت الذى قتلت الطفل ... أنت الذى قتلت الطفل ".
كلما نظرت الآن إلى يدى وأتأمل مكان الأصبع المبتور أشعر وكأنه التذكار الذى أخده ولدى معه عند رحيله والذى تركه لى كى أعود إلى رشدى ... كلما نظرت إلى مكان هذا الأصبع يزداد تصميمى على ألا أعود كما كنت أبداً، أعمل الآن محاضراً فى أحد مراكز علاج الإدمان ... أمد يد المساعدة لآخرين كى يعودوا إلى الصواب قبل أن يحصل أحدهم على تذكار كالذى حصلت عليه، وكلما بدأت محاضرة لمجموعة جديدة من طالبى العلاج من الإدمان أقص عليهم قصة هذا الأصبع المبتور.
هناك 32 تعليقًا:
اقول ايه ؟؟
اقولك كدا الغيبة دى
كلها عن اخواتك ؟؟
و لا اقولك حمدلله ع السلامة
و اسكت معاتبشى
و لا اقولك افتقدنا
القصص الرائعة بتاعتك
و لا اقولك القصة رائعة
و عودا حميدااا رقيقا
هقولك كل دول
و البلوج سبوت نور
يا قلب يا مصرى
تحياتى للأسرة الصغيرة
الجميلة بتاعتك
يا ريت متغبش تانى
الأخت العزيزة فاتيما
إنتى أخبارك إيه؟ ويارب ما يكونش حد زعلان منى علشان غيبت سنة كاملة عن التدوين، لكن والله ظروف خارجة عن إرادتى.
سعيد إن القصة عجبتك ويارب يكون يوسف بخير
انا مش هاعاتب علي الغيبة الطويلة دي
ألف حمد الله علي السلامة بجد كنا مفقدينك جداً
يارب تكون عودة دائمة
-----------
القصة رائعة جداً بسيطة وسلسلة كما عودتنا دوماً
عودة قوية جداااااااااا
حمد الله على السلام
منور عالم التدوين كله يابو رقية
رجعتنا تاني للكلمات الجميلة و الاحساس الراقي و القلم المتمكن من مفرداته
وحشتنا كتيييييييييييييييييييييير من هنا للسنة الجاية
يارب ماتغيب تاني
و طبعا القصة جميلة اوي اوي اوي يا محمد و توصل للقلب
تسلم ايدك
تحياتي
وومن
سعيد أن أرى تعليقك مرة أخرى يزين المدونة وأعتذر عن الغياب الطويل الخارج عن إرادتى، سعدت أن رأيك فى القصة أنها بسيطة وسلسة.
أشكرك جداً على الزيارة
أختى العزيزة شهد الكلمات
تعليمن أنى أسعد بتعليقك على المدونة وأسعد بمناقشتك حول محاولاتى القصصية.
وأتشرف بزيارتك دائماً، وأتمنى من الله عز وجل أن تكون عودتى هذه المرة عودة دائمة إن شاء الله.
لك سلام من أم رقية (وطبعاً منى أنا كمان)
قلب مصري
أنا بجد اتفاجات برجوعك
واسعدني أكثر القصة الجديدة
حمد الله علي السلامتك
غيابك عن التدوين كان مؤسف
بس إن شاء الله يكون القادم أفضل
بالتوفيق
حمدلله على السلامة
كانت فترة غياب طويلة جداجدا
اتحرمنا فيها من كتاباتك المميزة .. جدا
عودا حميدا .. بدون انقطاع ..ان شاء الله
نورت عالم التدوين من جديد
تحيااتي
عودا حميدا
القصة تتكرر في مجتماعاتنا بصور مختلفة ولكن هل من نهاية لها ؟؟؟؟
طرح جميل
تحياتي
حمدلله على السلامة
نورت عالم التدوين من جديد
اخبارك ايه واخبار الامورة رقية ايه
يارب تكونوا بخير
القصة رائعة
والهدف منها غاية فى الروعة
بقدر ما تحمل من قسوة وعذاب
تحياتى
عاشقة الحب
فاجئنى شخصياً أن أصدقائى من المدونين (وأنت منهم) مالزلوا يذكروننى وسعداء بعودتى
وصدقينى أنا أكثركم سعادة بذلك، وزادت سعادتى برأيكم فى القصة.
لك الشكر
سارة الجبالى
أشكرك بشدة على مشاعرك الرقيقة، وأشكرك لأنك مازلت تزوين المدونة
د.إيمان مكاوى
القصة لن تنتهى فهى فى كل وقت وكل مكان تتكرر لكننا نتمنى أن تنحسر من مجتمعنا.
أشكرك
أخى العزيز جداً / خالد (همس الأحباب)
الله يسلمك ياباشا، رقية بخير الحمد لله.
سعيد برأيك فى القصة.
أشكر زيارتك الكريمة
أخي العزيز
القصة مش راعئة بس بل جعلت قلبي يتفتر حزنا ولا اصدق ان هناك اناس بهذة القسوة حتي لو كانوا مخدرين..
أخي بارك الله فيك ووفقك لكل خير
ali-younes.blogspot.com
ali-younes2.blogspot.com
م/ عي يونس
الأخ العزيز / على يونس
سعدت بتشريفك لمدونتى المتواضعة، وأسعدنى أكثر أن القصة أعجبتك اهذه الدرجة، وصدقنى أخى إن هذه القسوة موجودة وربما بدرجات أعلى لأن كثير من قيم حياتنا تدهور وتغير.
سلامو عليكو..
بجد الاسلوب رائع فى السرد
والقصة مؤثرة اوى
اللهم عف شبابنا عن امراض العصر
من الادمان والسكر وغيره
لك تحياتى
ست الحسن
أشكرك جداً على تعليقك اللطيف وأنضم معاك بالدعاء لله أن يعف شبابنا عن السيئات اللهم آمين
رائعه القصه يا محمد ربنا يوفقك للافضل ان شاء الله
أسيرة الأحزان
أشكرك على تعليقك جداً وأتمنى أن تدوم الزيارة.
الاخ الكريم
سعيدة بتجاوزك تلك الازمه
وطالما تجاوزتها
فانت قوى
تحياتى
الأخت الكريمة جايدا العزيزى
الأصبع المبتور قصة قصيرة من وحى الخيال وأحمد الله عز وجل أن عافانى من المرور بمثل هذه التجربة.
شكراً لمرورك الكريم
عود احمد
عودة قوية جدا
القصة بتسرب قشعريرة فى الجسم
اعتقد انها اعظم النعم اللى ممكن يهبها الله لعبد هى الصدمة اللى تخليه يفوق لنفسه من غيبوبته قبل فوات الاوان
حمد الله على سلامتك وان شالله ماتغيبش تانى ابدا
الأخت العزيزة نور (قصاقيص حبيبة)
الله يسلمك، وشكراً جداً على تعليقك الجميل، والحمد لله إن بطل القصة جت له لحظة فى حياته تخليه يفوق من اللى كان فيه وربنا يعافينا كلنا من الشرور يارب.
الاب الجميل كل سنة وحضرتك طيب رمضان كريم
سمو الأميرة بيرى
وحضرتك بخير وفى أحسن حال إن شاء الله
كل سنة و انت طيب يا ابو رقية انت و اسرتك الكريمة
و يارب السنة دى تقدروا تشاركوا معنا ان شاء الله
رمضان كريم
حمدا لله على السلامة البلوجر نور من جديد
كل سنة وحضرتك بخير
مضان كريم
وكل سنة وانت طيب
*كما تعودنا منك على فعل الخير
ندعوك للمشاركة فى يوم خير جديد
التفاصيل هنا
http://kouskoza7.blogspot.com/2010/08/blog-post_12.html
و هنا
http://hams07.blogspot.com/2010/08/blog-post.html
الأخت العزيزة داليا
إن شاء الله ربنا ييسر الأمور وأكون موجود بإذن الله
الأخ العزيز محمد غالية
الله أكرم يا صديقى العزيز، نورت المدونة بزيارتك من جديد
الأخ العزيز / خالد همس الأحباب
دايماً يا أبو همس سباق للخير، ربنا يكرمك ويجعله فى ميزان حسناتك يارب.
إن شاء الله أكون متواجد معاكم السنة دى يارب
إرسال تعليق