الاثنين، 13 أغسطس 2007

صيد الأسود وصيد الثعالب

تتجلى فى الغابة أفكار محددة للصيد لدى الحيوانات المفترسة لتتمكن كل فصيلة من الحصول على طعامها وأشهر هذه الطرق تتجلى فى طريقتين رئيسيتين هما طريقة صيد الأسود وهى تتمثل فى الإنقضاض المباشر على الفريسة وقتلها بسرعة والتغذى عليها بعد ذلك وهى طريقة تحتاج للسرعة والقوة أكثر مما تحتاج للذكاء ويمكن ممارستها بشكل فردى دون الإعتماد بشكل كبير على فريق، أما الطريقة الثانية فهى طريقة صيد الثعالب وتتمثل فى الإلتفاف حول الضحية وإنهاكها والتلاعب بها بأقل مجهود ممكن حتى تقع من التعب لتكون ضحية سهلة للصائد وهى طريقة تعتمد على إحكام السيطرة على تحركات الفريسة حتى لاتتمكن من الهرب فى الوقت الذى تظن فيه الفريسة أنها فى طريقها إلى الفرار دون أن تعى أن هذا الطريق هو نفسه الذى ستلقى فيه حتفها كما تعتمد هذه الطريقة على الفريق الذى يتحرك بتناغم وتكامل وتعاون محسوب ومن الملاحظ أن هذه الطريقة تنجح جداً فى حالة ما إذا كانت الفريسة أقوى من المفترس أو أكبر منه.

لست أدرى ما هو السبب الذى يجلعنى أتذكر هاتان الطريقتان كلما سمعت عن تحرك من الحكومة المصرية تجاه المعارضة فنرى مثلاً أنها إتبعت طريقة صيد الأسود مع كل من أيمن نور وطلعت السادات فإنقضت بكل قوتها وبسرعة كبيرة من أجل القضاء على كل منهما حتى وصل الأمر أن طلعت السادات مثلاً تم الحكم عليه فى أقل من شهر وأودع السجن الحربى أما أيمن نور فما أن صعد إلى الدرجة التى تسمح له بمنافسة الرئيس على مقعد الرئاسة أو على الأقل منافسة الوريث حتى تم إتهامه فى قضية تزوير توكيلات حزب الغد وهى القضية التى يشك كثيرين فى صحتها كما تم إضعاف الحزب الذى يرأسه وشقه إلى جبهات معادية لبعضها البعض حتى ينشغل الحزب بصراعاته عن التكاتف وراء نور فى محبسه، فى حين أن نفس الحكومة تتبع طريقة صيد الثعالب مع الجماعة الأقوى فى المعارضة المصرية وهى جماعة الأخوان المسلمون فالحكومة لا تنقض بشكل مباشر على الجماعة وأعضائها المعروفون للجميع ومعروف إنتمائهم للجماعة (فمن السهل على الحكومة إذا كانت السياسة هى صيد الأسود أن تلقى القبض على المرشد العام للجماعة بتهمة الإنتماء لجماعة محظورة مثلاً) ولكن لأن الحكومة تدرك القوة التى يمتلكها الإخوان ولاتمتلكها الحكومة وهى قوة الإتصال اللصيق بالشارع السياسى والشعب وهو أحد الأسباب الهامة التى تنمع الحكومة من إنتهاج أسلوب صيد الأسود مع الجماعة فهى تسلك الدرب الموازى والذى يصل إلى نفس النتيجة وتوضيحاً هنا لطريقة صيد الثعالب مع جماعة الإخوان فالحكومة تلقى القبض على أعضائها وتحاكمهم (وهم مدنيين) أمام محاكم عسكرية (دون أن تكون التهم الموجهة لهم تهم عسكرية الطابع) وتصادر أموالهم وتنهك الجماعة بشتى الطرق الممكنة حتى تتمكن من القضاء عليها دون الإصطدام مع الشارع السياسى أو الشعب (ليس إحتراماً للشعب ولكن محاولة الحفاظ على الصورة المشوشة لمصر الديمقراطية أمام الغرب أو ربما خوفاً من ثورة يهب بها الشعب أو تحركها الجماعة بقدرتها التنظيمية) وكما قنا فإن هذه الطريقة تحتاج إلى العمل مع فريق ونرى ذلك واضحاً من تسخير الإعلام الحكومى وأعوانه وبعض رؤوس المعارضة الوهمية (الموالية سراً أو جهراً للحكومة) من الهجوم الحاد والعنيف على الجماعة وأعضائها لإضعاف مركزهم كمعارضة أو كجماعة منظمة لتنفرد الحكومة بكل ما تريد الإنفراد به.
تلك هى الفلسفة التى جعلتنى أفهم طريقة تصرف الحكومة مع المعارضة المصرية ورغم السوء البادى فى هذه التصرفات فإن هناك نتيجة إيجابية خرجت بها من هذه الفكرة وهى أن الحكومة المصرية تستطيع متى أرادات أن تنتهج فلسفة معينة مستمرة بغض النظر عن تغير الأشخاص القائمين على تطبيقها مثلما يحدث فى الدول المحترمة والأمر الإيجابى الثانى هو قدرة الحكومة على فهم أبعاد ماتواجهه والتحرك فى مواجهته بما يتناسب معه وكذلك إمتلاك إستراتيجية واضحة المعالم للتحرك فى كافة الإتجاهات للوصول إلى هدف محدد.

إذن فالحكومة المصرية لها القدرة على التخطيط بعيد المدى ولها القدرة على فهم أبعاد الأزمات التى تواجهها ولها القدرة على تحديد إستراتيجيات واضحة للتحرك فى مواجهة هذه الأزمات ولكن كيفية إستخدام هذه الأدوات التى تمتلكها هو مايثير الإعتراض على تصرفاتها وإستهجان الشعب من تحركات الحكومة.

على الهامش
ليتك تعلمين أن الحب يحيا أبد الزمان
ليتك تعلمين أن العشق لايصيبه النسيان
ليتك تعلمين أنه مازال فى قلبى لك مكان

ليست هناك تعليقات: