بثقة شديدة صعد درجات السلم يحمل بين يديه أوراقه وشهاداته ورغم أنه لم يكن متفوقاً فى دراسته لكن كان واثقاً أنه سينال الوظيفة التى قرأ إعلانها بالجريدة ليس بسبب أناقته الزائدة لأن البذلة مستأجرة فى الأساس وليس للشهادات التى بين يديه فهى بتقدير مقبول ليس أكثر، لكن بسب آخر هو قطعة صغيرة من الورق يحملها فى جيبه مطبوع عليها اسم شخص هام ومن الخلف كتب عليها بخط اليد توصية صغيرة وتحية لصاحب الشركة لقد كلفه هذا الكارت مجهود بسيط ليصل إلى هذا الشخص الهام لكن هذا المجهود سيغير حياته تماماً فبعد عدة وظائف قليلة الحظ والراتب سينال أخيراً وظيفة محترمة فى المكانة والراتب، حقيقة ليس هذا هو الراتب القادر على تحقيق أحلامه الكبيرة لكنه سيكون خطوة البداية وعليه أن يغتنمها فهو حتما بعد هذه الوظيفة سيخاصم جلسة القهوة وسيبدأ فى البحث عن عروس له وربما طمع أن يجد مسكناً مستقلاً بالإيجار بدلاً من أن يتزوج فى مسكن والده، دخل من باب الشركة وجلس فى انتظار دوره لمقابلة المدير ويقينه بالحصول على هذه الفرصة لا يتزعزع بعد دقائق قليلة خرج أحدهم من مكتب المدير عرفه على الفور إنه زميل دراسة قديم كان من النوعية التى يطلق عليهم زملائهم (الموس) لأنه يذاكر بكل اجتهاد وعزيمة، لا يعرف لماذا حرص ألا تتقابل عيونهما.
دخل إلى مكتب المدير وقلبه يدق بعنف، بعد عبارات قليلة اطمأن أن الوظيفة له وأن قرار تعيينه سيصدر بعد أيام قليلة للمحافظة على الشكل العام ليس إلا.
عاد إلى بيته وفى رأسه تطل صورة زميله، حاول أن يفكر فى الوظيفة الجديدة وحياته التى ستتغير بعدها لكن صورة زميله عكرت عليه صفو أحلامه، لماذا يراه الآن فى ذهنه؟؟ لا يجد إجابة ... أو لا يحاول أن يبحث عن إجابة، لكنه فى المساء حينما استعد للنوم وبعد مناورة طويلة مع نفسه تساءل أخيرا هذا السؤال الذى حاول أن يتفاداه، ألست أسرق هذا الزميل بسبب كارت صغير؟ أكيد هو أجدر منى بهذه الوظيفة، تاريخه فى الكلية يؤكد ذلك، ربما هو أيضا يحلم أن يخاصم جلسة القهوة ويحلم بالبحث عن عروس له ومسكن ملائم؟ أجاب على سؤاله بنعم أنا أسرق هذا الزميل وربما أسرق كذلك آخرين أحق منى بهذه الوظيفة لكن ماذا بعد؟ هل يتخلى عن هذه الفرصة من أجل آخر؟؟
وفى النهاية قرر أن يحصل على حق زميله كى يعيش، أفضل بالتأكيد من أن يعيده له ويموت مردداً فى نفسه المثل الذى اخترعه هو (لكى تحصل على اللحم يجب أن تذبح بقرة).
أكتب رأيك ولأكتب رأيى ... وليس من الضرورى أن يعجبنى رأيك أو يعجبك رأيى ... المهم أن يوجد الرأيان، والأهم أن يكون المجتمع خالياً من السلطة الواحدة المسيطرة برأى واحد فى إمكانه إسكات كل صوت غيره. رسالة من توفيق الحكيم إلى محمد حسنين هيكل.
الأحد، 30 نوفمبر 2008
الوظيفة
السبت، 22 نوفمبر 2008
بؤجة الخير للمرة الثانية
والمكان قريب جداً من محطة مترو زهراء مصر القديمة، بحيث تخرج من محطة المترو تتجه يمين حتى مسجد زهراء مصر القديمة والجمعية مقرها أعلى المسجد ويمكنكم الاتصال على رقم 0124433543 الاستاذة صبرية جمعية صحبة خير أو رقمى الشخصى 0106252126 لأى معلومات.
سننتظركم لتشاركونا فعل الخير ولمزيد من التفاصيل اضغط هنــــــــــــا
السبت، 15 نوفمبر 2008
خطاب
فلتقبل اعتذارى، فأنا لا أرضى أن أكون الثانية فلقد شاركتك الحلم قبلها ... سكنت قلبك قبلها ... رسمت معك خطى المستقبل قبلها ... تألمت لألمك قبلها ... نزفت من جروحك قبلها ... تبسمت لفرحك قبلها ... تنفست هوائك قبلها ... سرى دمى فى شرايينك قبلها ... ثم جاءت هى لتحمل اسمك قبلى ... لتشارك تحقيق الحلم قبلى ... لتعيش معك ما تمنيته أنا لك ... جاءت هى لتقصينى من حياتك ... لتحتل قلبك بدلاً منى ... قرنت عمرها بعمرك لتصبح هى الواقع وأتوارى أنا بين ذكرياتك.
عفواً سيدى
فمكانى ليس فى الظل وحياتى لا ابنيها على أنقاض آخرين ... أرجوك لا تحاول أن تجعلنى مجرد حلم مضى تحاول اللحاق به ... لا تسعى ورائى ... فلن أعود إليك ... هى الآن الزوجة والأم وأنا مجرد ذكرى ولست أكثر من حلم.
عفواً سيدى
فلقد خرجت من حياتى ولا مكان لشمسك فى سمائى ... لا مرفأ لسفينتك فى قلبى ... وأغصان مشاعرى لم تعد تنبت أزهارك.
* - * - * - *
الاثنين، 3 نوفمبر 2008
لا شيء
لست من هؤلاء الذين يستطيعون لكم الحياة فى وجهها فتستجيب لهم وتحقق مطالبهم بل على العكس فدائما ما استجدى من الآخرين حقوقى وألين تماما أمام رغباتهم حتى لو كان ذلك يظلمنى، لست أدرى لماذا أخشى المواجهات وأخاف حينما أتكلم مع الغرباء وأقف صامت إذا خاطبنى أحدهم بصوت عالى رغم أن الغضب يتملكنى بشدة حتى أقطر عرقاً وأنتفض من الغضب لكن النتيجة دائماً تكون لا شيء.
لا شيء هى الكلمة التى تصاحبنى فى حياتى فلا شيء تحقق من أحلامى ولا شيء من حقوقى بقى لدى ولا شيء من رغبات أصرح بها حتى أصبحت (السيد لا شيء) ربما الشيء الوحيد الموجود فى حياتى هو الرغبة العارمة فى تغيير هذا الوضع ولكن لا شيء تظهر من جديد فتحطم كل سعى أتخذه لتحقيق هذه الرغبة.
هذا الصباح كلفنى السيد المدير بأعمال زميل لنا سيقوم بإجازة المصيف الأسبوع المقبل رغم أنى الفرد الوحيد بالمكتب المحمل بأعباء كبيرة فى العمل أما باقى الزملاء فيجيدون التذمر والشكوى من كثرة العمل الذى لم يكلفوا به من الأساس ولم ينجزوه قط فتكون النهاية أن ينقل السيد المدير هذه الأعمال إلى عاتقى وكأننى خادم أهل هذا المكتب ومن جديد يتملكنى الغضب الشديد من قرار سيادته وألمح نظرات السخرية فى عيون الآخرين مما يعنى أن القرار قد تم تعديله قبل أن أصل إلى العمل هذا الصباح ... كانت الرغبة الخانقة فى الاعتراض أو حتى التذمر تتملكنى وشبح لا شيء يلوح فى أفق حياتى من جديد ... بعد قليل كان السيد المدير يقوم بالمرور اليومى على المكاتب للاطمئنان على سير العمل حتى مر بمكتبى كنت لحظتها ألتقط قلمى من تحت المكتب (هو أيضاً رعديد وجبان ليختفى تحت المكتب حينما يمر السيد المدير) سمعت كلمات المدير الساخرة المؤنبة تنهال على أذنى لأننى مهمل ولم أنجز بعض الأعمال إلى الآن ... اعتدلت ووقفت أمامه كان يصيح بشدة ... كنت أرتعش حقاً من صوته العالى ... وأشعر بدوار شديد يلف رأسى ... كنت أتمنى أن يذهب ويصمت ... لكنه لم يفعل ... وفجأة رأيت على وجهه كلمة لا شيء تتراقص على جبينه وكأنها تهزأ بى ... فأنا مجدداً لن أفعل شيء.
قال الزملاء فيما بعد أثناء تحقيقات الشرطة أننى فجرت أنف هذا المدير التافه بعدة لكمات وأن من تدخل منهم للدفاع عنه تورم وجهه وفقد عدة أسنان وأكدت التقارير الطبية أن عظام الجمجمة الأمامية لهذا المدير التافه كانت محطمة كما لو أن قطاراً قد صدمه وشهد الشهود أننى كنت أصيح بعد ذلك فى ممرات الشركة أن (لا شيء) مضت ولن تعود وهكذا اشتعل فتيل الثورة فى حياتى.
الأحد، 26 أكتوبر 2008
خمسة تدوين
خمسة تدوين
هل سمعت هذه الكلمة من قبل؟؟ إنها باختصار اسم مجموعة جديدة للمدونين على الـ Face Book تسعى لدعمروابط التعاون والتواصل بين المدونين وهى ليست كغيرها من المجموعات التى تهتم بشكلرئيسى بالأخبار واللقاءات وما شابه (وإن كانت هذه الأمور تحتل موقعا فى المجموعةسيتم الاعلان عنه فى حينه) وإنما اهتمامنا منصب بالأساس على التعرف على المدونينومدوناتهم من خلال باب (عرف نفسك) وتهتم كذلك بفكرة جديدة من نوعها (كملها انت لوتقدر) وهى فكرة تعتمد على اشتراك كل أعضاء المجموعة فى كتابة قصة واحدة دون اتفاقمسبق على الأفكار بحيث يبدأ احدنا الفكرة ثم يساهم كل عضو بجزء من القصة قد تغيرمجرى الأحداث تماما حتى تنتهى وقد كتبنا بالفعل قصة شيقة للغاية اتمنى أن تقرءوها،كذلك لدينا باب خاص للمنظرات الشعرية (مناظرة شعرية فهل من مبارز) تعتمد على أنيكتب كل منا جزء من القصيدة ويكمل الآخرون فى نفس السياق أو خارجه.
ليس كل ما سبق سوى مجرد ضربة البداية لهذه المجموعة وسنبدأ إن شاء الله بوضع أفكار جديدة أخرى بناءاً على إقتراحاتكم ومشاركاتكم وما ندخره للمشتركين من مفاجآت أخرى.
كما ترون هى مجموعة شيقة تستوعب كافة المواهب الأدبية للتعبير عن نفسها، نتمنى زيارتكم وانضمامكم لنا وتعاونكم معنا ونعدكم بقضاء وقت ممتع بين أعضاء هذه المجموعة.
وده لينك الجروب
الأربعاء، 22 أكتوبر 2008
مدونة جديدة
يهمنى أعرف رأيكم.
الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008
حلم آخر لم يكتمل
نشرت الأخت العزيزة / هاجر العشرى على مدونتها حكاوى القهاوى قصة قصيرة بعنوان حلم لم يكتمل وكانت فكرتها جيدة جداً وقد أثرت فى الفكرة بشكل كبير وقد استأذنتها أن أكتب نفس القصة من وجهة نظر أخرى وقد أذنت لى لذلك من المهم جدا قبل أن تقرأ ما كتبت أن تقرأ أولاً القصة التى كتبتها الأستاذة هاجر لأن الأحداث مترابطة (اقرأها هنا) وبعد أن تقرأها تعال لتقرأ نفس الأحداث من وجهة نظر أخرى هنا.
حلم آخر لم يكتمل
هل تدرك أى شخص أحمق أنت؟ ومتى يمكنك أن تدرك ذلك؟
عفواً أنا لا أتحدث إليك تحديداً فأنا أحادث نفسى بصوت عال ... ولتتركنى مع نفسى كى أجيب ... قد يدرك المرء إنه أحمق عندما تتكرر أخطائه مصحوبة بإصرار عنيف منه أنه يعرف كيف يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح مرة أخرى ... قد يدرك المرء أنه أحمق حينما يبدأ فى فقد تلك الأشياء الهامة فى حياته دون أن يكترث لذلك فى الوقت الصحيح.
قد تدرك إلى أى حد أنت أحمق حينما يستمر نفس الخطأ فى حياتك خمسة عشر عاماً !!! لابد أن من يحدث معه ذلك هو أكثر حمقاً من أن يدرك أنه أحمق !!! ... أليس كذلك ؟؟؟ ... لا تجاملنى فأنا شديد الحمق بالفعل.
تبدو على وجهك علامات عدم الفهم ... وربما تظن أننى مجنون ... إذن دعنى أقص عليك الأمر من بدايته.
منذ سبعة عشر عاماً مضت أحببت زميلة لى بالجامعة و احبتنى كذلك ... أرجوك لا تسألنى عن الفوارق الاجتماعية ... فليس معنى أن تكون من أسرة غنية ويمتلك أباها عدة ملايين من الجنيهات بينما أبى يعمل عاملاً بسيطاً أنها لا تمتلك قلبا لكى تحب به خاصة وأن أباها رحب بى ورأى أننى شاب طموح استطيع إدراك النجاح ... لكن أبى رفض هذا الارتباط رغم محاولاتى المستميتة كى أثنيه عن رأيه ذلك ... أكثر ما يثير حزنى وغضبى وحنقى أنه لم يبرر لى هذا الرفض ... بل اصر على الرفض بشكل عجيب ... لو أن أمى كانت حية ترزق فى هذا الوقت لوقفت بجوارى بلا تردد ... ومما زاد من توتر الأمور بيننا – أبى وأنا – أن رفضه تعدى حدود الرفض اللفظى بل صار يشتكى لكل العائلة أننى لا اسمع له كلمة ولا أرضيه ... وصار الأمر بيننا من سيء إلى أسوأ حينما أراد أن يزوجنى من فتاة أخرى ... لا أذكر عنها شيئاً الآن ولكن بالتأكيد لم تكن هى الفتاة التى أحببت.
قل لى كيف سيكون تصرفك حينها؟؟؟ لا تنسى قبل أن تجيب أن التضحية بالحب شيء صعب للغاية ... لا تريد أن تجيب؟ فليكن دعنى أكمل لك الحكاية.
مرت عدة أشهر وكل منا متمسك بموقفه حتى جاء الحل من جهة أخرى ... صفحة الاجتماعيات بالجريدة ... نعم لا تتعجب ... ففى هذه الصفحة وجدت تهنئة بزواج حبيبتى بعد أن يئست أننى سأتمكن من حل مشاكلى مع والدى وبعد عدة محاولات فاشلة منها لتحسين الصورة أمام أسرتها رضخت فى النهاية للأمر الواقع وتخلينا عن حلمنا معا، لذا قررت فى لحظة غضب وتحدى أن أهاجر واخرج من حياته ... أو بالأحرى أخرجه من حياتى ... هل تصدق ذلك أى أحمق يخرج أباه من حياته؟؟ ... لا تتعجب فهذه هى الحقيقة ... لكنه لم يكن خروجا للأبد ... اسمعك تسألنى كيف ذلك؟ ... بعد أن غادرت البلاد كنت أحرص على أن أرسل له مبلغ من المال كل شهر وفى الأعياد والمناسبات المختلفة ... وفى كل مرة كنت أريد أن أرسل مع النقود خطاب اعتذار لأبى ... لكننى كنت أخشى ألا يرد على هذا الخطاب ... كنت أضع له صورة كبيرة فى حجرتى وأحدثه كل يوم وأسأله أن يسامحنى دون أن أجرؤ على فعل هذا فى الحقيقة ... كنت أحقق نجاحات متعددة فى العمل ... لكن دون روح حقيقية تحيا فى جسدى ... كانت روحى معلقة هناك ... فى دار أبى ... هل تدرى كيف الحياة حيث كنت أعيش؟؟ إنها موحشة ... جافة ... باردة ... يبدو أن الطقس هناك طبع نفسه على أرواح البشر فبردت ... أو ربما كانت برودة أرواحهم هى التى جعلت الطقس بهذا البرود ... وهذه الوحشة.
أتعرف شيئاً عن الوحدة؟ أكيد أنت لا تدرى ... فحتى لو كنت وحيداً فأنت على الأقل فى وطنك ويمكنك أن تكتسب من الأصدقاء ما تشاء ... الوحدة ... إنه الشعور الوحيد القاتل لروحك ... صدقنى ... الحزن والاكتئاب ليسا بنفس قوة الوحدة فى تأثيرها على روحك ... أظنك لا تدرى كم هو مرهق هذا الشعور؟ ... إنه يتسلل إلى قلبك ويقتله ... يتسلل إلى روحك ويسلبها ... على كل حال فقد ابتعدت عن أبى خمسة عشر عاماً كاملة ... لم اقابله خلالها ولا مرة واحدة ... لكننى فى النهاية تعبت ... أردت أن أدفن وجهى فى صدره وأبكى كالطفل الصغير حتى تجف دموعى ... أردت أن أقبل يده التى طالما حنت على صغيرا وجحدتها كبيراً ... أردت أن أكفر عن خطاياى طوال هذه السنوات الطوال ... لذلك قررت العودة ... لست أدرى بأى وجه سيقابلنى؟ ... هل سيقبلنى بعد أن رفضته؟ ... أدرك أن قلب الأب يسامح مهما أخطأ الأبناء ... أوقن أنه سيحتضننى حتى يذوب جليد السنوات الطوال ... سأعود ,القى نفسى تحت قدميه حتى يسامحنى ... لكننى سأفاجئه ... لكن أخبره بموعد وصولى ... أريد أن أرى وجهه فى هذه اللحظة وهو يفتح الباب ليرانى أمامه ... عدت أخيراً إلى البيت ... لكم هو دافئ وحنون ... كم هى حلوة رائحته ... ومريحة أركانه ...غريب أنه لم يغير المفتاح طوال هذه السنوات ... والأغرب أننى احتفظت بنفس المفتاح طوال نفس السنوات ... هلى إشارة ما؟ ... لكن أبى ليس بالبيت ... ربما خرج لقضاء حاجة ... سأنتظره إذن ... طال انتظارى حتى هبط المساء ... بدأ القلق يدق قلبى بمطرقته العنيفة ... وقبل منتصف الليل بقليل طرق الباب شخص ما ... هرولت لأفتح ... وجدت شرطى يخبرنى أن صاحب هذه الشقة وجد متوفى فى إحدى سيارات الأجرة أمام المطار ... يا الله ... كان ذاهب للقائى حسب رواية السائق ... كان يتمنى ذلك مثلما تمنيته ... لكن القدر لم يمهل أى منا ليكفر عن خطاياه.
هل أدركت الآن أى أحمق أنا؟ ... هل أدركت كم كنت محقاً أن أخبرك أننى كنت أكثر حمقاً من أن أدرك خطأى إلا بعد أن فات أوان ذلك؟
الثلاثاء، 7 أكتوبر 2008
تاج جديد
وصلنى تاج من الأخت العزيزة شهرزاد صاحبة مدونة رسائل إلى القمر وبدون إطالة هيا إلى التاج
متى بدأت التدوين وكيف دخلت عالم التدوين؟
بدأت أدون فى يناير عام 2007 فى مدونة (عن مصر) وبعد ثلاثة أشهر أغلقت المدونة نهائيا بعد أن اكتشفت أنه لا يقرأها أحد ولا يعرفها أحد غيرى ولكنى اكتشفت بعد ذلك أن التدوين أصبح إدمانى الجديد بعد القراءة فعدت مرة أخرى وأنشأت مدونة (قلب مصرى) يوم 11/08/2007 وهى التى أقوم بالتدوين من خلالها حالياً وأيضا لم يعرفها أحد حتى شهر مايو من عام 2008 وهو الشهر الذى بدأت أعرف فيه أن لى قراء منتظمون.
وقد دخلت عالم التدوين بعد أن قرأت مقالة فى جريدة الدستور عن التدوين والمدونين وكم حرية التعبير الذى نالوه فى مدوناتهم فتجولت بين عدة مدونات ثم عزمت وبدأت التدوين.
ايه كان انطباعك فى البداية ؟؟
فى البداية كنت أعتقد أنى أحاور نفسى فقط وأن المنشور على المدونة لا يؤثر فى أى شيء أو فى أى شخص ثم بعد ذلك بدأت أتعرف على عالم المدونين الحقيقى واكتشفت أن المدونين لهم تأثير قوى جداً على المجتمع على الأقل من الناحية الإجتماعية.
مين اكتر واحد بتحب تعليقه على بوستك الجديد ؟؟
بدون مجاملة وبدون ذكر عبارة أنى أهتم بكل التعليقات (رغم أنها حقيقية جدا) إلا أننى أهتم بشكل خاص وانتظر تعليقك دكتور أحمد فارس بلا جواد وهاجر العشرى شهد الكلمات والملاك ومحمد حمدى لكم دماغكم ولى دماغى وكذلك أهتم بتعليق الأميرة بيرى الصمت أبلغ لغات الكلام ورحاب كوكب آبى ودعاء مواجهات وكاميليا وثرثرة تحت المطر وياسمين عاقلة على أرض الجنون نوتة وقلم ود . مونى انطلاقة ورؤية تنهيدة لأنهم الأكثر مناقشة للمنشور وتفنيده وتحليله ونقده أيضاً لذا استشعر أن تعليقاتهم ليست من باب المجاملة ولا من باب سد الخانة.
ايه اهم حاجة اتعلمتها من عالم التدوين ؟
اتعلمت أكون أكثر تنظيماً وأكثر فاعلية وأن أهتم أكثر بالعمل الخيرى والمجتمعى.
حاسس ان التدوين له تأثير ؟
طبعا التدوين له تأثير بدليل كم المدونين المتزايد مع الوقت بشكل ملفت للنظر وبدليل حجم توزيع كتب المدونين أو الكتب التى تتحدث عنهم ومدى اهتمام الإعلام المرئى والمكتوب بالمدونين وأفكارهم ووجهات نظرهم حتى أن مركز دعم واتخاذ القرار تفرغ لعمل بحث كامل عن التدوين فى مصر.
تهدى التاج لمين؟
أى حد يحب يجاوب عليه.
الخميس، 25 سبتمبر 2008
الصراف
أعمل صرافاً بأحد البنوك ... عمل صعب يتطلب كثيراً من الصبر وكثيراً من التفهم لمشاكل العملاء ... أقصى مشاكل عملى هى عميل غاضب أو عجز فى العهدة، لكنها مشكلات يمكن مواجهتها بالصبر والتركيز ... صباح اليوم كانت أمى تناشدنى ألا أذهب إلى العمل لأنها لا تشعر بخير بسبب انقباض قلبها ... بالطبع أنا أحترم أمى لكن قلبها الغير مطمئن لن يكون مبرراً كافياً أمام رؤسائى إذا تغيبت عن العمل اليوم ... , ورغم أنى أحرص على البر بها وطاعتها لكنى لم استطع هذه المرة وذهبت إلى العمل ... مضى جزء من اليوم كغيره من الأيام ... من جاء ليودع مالا تحسبا لتقلبات الزمان ... وآخر جاء ليسحب من مدخراته ربما كان لجهاز ابنته أو شبكة ابنه ... وهذه جاءت لتسأل عن تحويل زوجها الذى يحترق بنيران الغربة ملقيا على كاهلها مسئولية الأطفال ... إن عملى كصراف يجعلنى أرى المجتمع كله ... واليوم يمضى حتى قارب على منتصف النهار تقريباً ... أصوات جلبة قادمة من ناحية باب البنك ... الجميع يهرول مذعوراً حتى رجال الأمن يحاولون الفرار ... لقد اقتحم ثلاثة لصوص البنك يحاولون سرقته ... يحملون بعض الهراوات والأسلحة البيضاء ويضربون بها من يقف فى طريقهم ... عصبيون ومزاجهم حاد ككل شيء فى أيامنا هذه ... أخجل أن أقول أنى سارعت بالاختباء كغيرى تحت مكتبى ... لكنها غريزة البقاء التى تدفعك للحفاظ على حياتك ... أو هو الخوف من المواجهة والذى أصابنا جميعا منذ عقود ... أصوات اللصوص تعلو وهم يحيطون بالجميع ويأمرونهم بالتحرك إلى أحد أركان المكان ... يجولون فى المكان بسرعة ليجمعوا رهائنهم ... صوت غاضب يأمر أحد موظفى البنك بإحضار النقود لهم من خزينة البنك ... أصوات بعض الرهائن يئنون لابد وأنهم آذوا البعض ... أتصبب عرقاً ويقتلنى التوتر ... ترى كيف ينتهى هذا الموقف ... لست راضياً عن هروبى تحت المكتب ... لكن الجميع حاول الهروب ... تحت مكتبى زر إنذار ككل المكاتب الأخرى ... هل أغامر واضغطه؟ ... ماذا لو اكتشفوا أمرى ؟ ... هل سيقتلوننى انتقاما لهذه الفعلة ؟ ... وماذا لو أنهم رأونى مختبئاً ولو لم أضغط زر الإنذار؟ ... أعتقد أن المصير واحد فى النهاية ... فلماذا لا أحاول إذن؟ ربما كان هذا هو الحل السليم ... مدت يدى إلى الزر ... تراجعت ... لست أدرى ما السبب ... عاودتنى الأفكار المرعبة من جديد ... ربما لن يقتلوننى بسرعة وعذبونى أولاً بدافع الانتقام ... أو نلت جزاءاً أقسى لأكون عبرة للآخرين ... أو قد يجعلوا منى درعاً أمامهم إذا ما حدث تبادل لإطلاق النار ... ماذا أفعل الآن؟ ... هل أظل قابعا هكذا تحت مكتبى وأنا أرتعد من الخوف ؟ ... وهل من الشرف أن أموت جباناً ؟ ... الجبناء يعيشون أطول لكنهم يعيشون أذل ... والشجعان قد يموتون سريعاً لكنهم يموتون شرفاء مرفوعى الهامة والمقام ... تذكرت الآية الكريمة "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" ... ذكرت الله ورجوته أن يكون معنا ... رجوته من قلبى بصدق ... استعنت به وضغطت الزر ... أثار صوت الإنذار غضباً هائلاً بين اللصوص وأخذوا يبحثون فى كل مكان عن مطلق الإنذار حتى صاح أحدهم مشيراً إلى مكانى تحت المكتب ... لم يصيبنى الاضطراب لكننى لست أدرى ماذا أفعل وهم يهرولون نحوى ... نظرت بسرعة عن مكان آخر قد أحتمى به ... وجدت بجوارى طفاية الحريق فلذت بها ... حينما اقترب منى اللصوص تناولت الطفاية وهددتهم بها ... حاول أحدهم أن يختبئ ... ففتحت الغاز فى وجوههم ... أصابهم الاختناق بالغاز ... هرول الرهائن محاولين الهرب ... لكن بعضهم تمسك ببقايا من شجاعة وهاجموا اللصوص واستطاعوا السيطرة عليهم وشل حركتهم وتجريدهم من أسلحتهم ... واستعدنا السيطرة على الموقف مرة أخرى ... فيما بعد قال لى الضابط المكلف بالتحقيقات جملة ظلت فى ذاكرتى زمناً طويلاً بعد ذلك ... كانت هذه الجملة هى ... حقاً إن رجلاً واحداً ... رجلاً حقيقياً قد يحدث فرق.
ملحوظة: فكرة القصة مستوحاة من واقعة حقيقية حدثت بتايوان
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008
الاعترافات
صرخات تتعالى من حولها ... البعض يهرول والبعض يحاول الاقتراب والبعض أصابه الذهول ... مازالت المدية بيدها مخضبة بالدماء ... وجثمانه مسجى أمامها وقد نزف حتى الموت.
* - * - *
كلماته المعسولة انتزعت قلبى من مكمنه ليصبح أسيراً لديه ... سلمت مشاعرى له بأسرع مما تخيلت أن يحدث ... كانت رقته وحنانه ملاذاً لى من لطمات الحياة القاسية فكان حبه لى الملجأ الذى أنعم فيه بالراحة.
* - * - *
نظرت إليها وهى تجلس بالقرب منه ووجهها يشوبه الهدوء ... أمر غريب أن تكون قاتلاً ويرتسم على وجهك كل هذا الهدوء ... عاينت مسرح الجريمة واتخذت الإجراءات المعتادة.
* - * - *
كان موعد لقائه هو العيد الذى أنتظره ... نظراته ... كلماته ... همساته ... كلها كانت الدواء الذى يشفى جروح عمرى بأكمله.
* - * - *
اقتادها الجنود إلى القسم لتعرض أمامى لأخذ أقوالها فلم تقاوم بل كانت هادئة تماماً ... نظرت إلى وهى تسير بينهم وكانت عينيها بلا حياة.
* - * - *
تزوجنا ... كانت قمة السعادة تحت أقدامى.
* - * - *
جلست أمامى صامته وأنا أحاول أن أحصل منها على كلمات أتمم بها أوراقى.
* - * - *
مر العام الأول على زواجنا فقررت أن اشترى له هدية لأفاجئه بها الليلة ... لمحته يقود سيارته وبجواره امرأة أخرى يتضاحكان وهى تميل على كتفه... تتبعتهما بسيارة أجرة.
* - * - *
ظلت مصرة على الصمت وأنا أحاول أن أشرح لها مساوئ ذلك على موقفها بالقضية ... كم هى محيرة وغامضة هذه القاتلة ... لماذا تصر على الصمت ... لماذا تكتسى ملامحها بالهدوء.
* - * - *
توقفت سيارته أمام إحدى الفيلات بحى هادئ على أطراف المدينة ... هبطا معاً وسارا متشابكى الأيدى حتى باب الفيلا ... فتح الباب وتبعها إلى الداخل وهو يبتسم.
* - * - *
قررت أخيراً أن تتكلم ... وجلست استمع إلى كلماتها وكلى شغف لسبر أغوار الحقيقة.
* - * - *
تسللت داخل أسوار الفيلا ... رأيتهما فى الردهة متعانقان ... غامت الدنيا فى عينى وهو يقبلها ... شعرت بدوار شديد حينما حملها على ذراعيه وصعد بها السلم الداخلى.
* - * - *
بدأت الحديث بكلمات غير مفهومة بعد أن احتل البكاء صوتها وملئت الدموع وجهها... حاولت تهدئها حتى أفهم ما تقول.
* - * - *
عدت إلى المنزل فى حالة انهيار تام ... حينما سمعت صوت سيارته يقترب هرولت إلى باب العمارة وانتظرت خروجه من السيارة.
* - * - *
أخيراً بدأت الحكاية ... وكان كلامها كله بعيد عن الجريمة التى ارتكبتها.
* - * - *
ما أن هبط من السيارة حتى اقتربت منه وأنا أسأله عنها ... أجابنى ببرود إنها زوجتى الجديدة وعليك أن تتعايشى مع ذلك.
* - * - *
كانت تحكى عنه فقط وبدأت الحكاية قائلة ...
كلماته المعسولة انتزعت قلبى من مكمنه ليصبح أسيراً لديه ... سلمت مشاعرى له بأسرع مما تخيلت أن يحدث ... كانت رقته وحنانه ملاذاً لى من لطمات الحياة القاسية فكان حبه لى الملجأ الذى أنعم فيه بالراحة.
* - * - *
أخرجت من بين ملابسى سكين المطبخ وانهالت عليه الطعنات.
السبت، 6 سبتمبر 2008
فى محطة القطار
أقف الآن على رصيف محطة القطار ... الساعة تشير إلى دنو لحظة الرحيل، لكن ... لماذا أرحل؟ ... هل هو حلم تحقيق الطموح؟ أم إنه هروب من أمر ما؟ ... لماذا رفضت أن تصحبنى فى رحلتى؟ ... هل ستأتى لتودعنى؟ ... باقى خمس دقائق وأسافر ... كان خلافاً يمكن تجاوزه ولا مبرر لسفرى الآن ... تحقيق الطموح ممكن أن يحدث فى أى مكان ... هى فقط لا تطيق فكرة السفر وتخشى التغيير والمغامرة ... أحلم أن أحقق أفضل أحلامى ... لماذا يجب أن أرتبط بهذا المكان إلى الأبد؟ ... لماذا لا أجرب حظى فى مكان آخر وأحصل على فرصة أخرى ... هى ترفض أن نبتعد وترفض أن أسافر ... فلماذا أتخلى أنا عن أحلامى وترفض هى أن تتخلى عن مخاوفها ... باقى أربع دقائق ... أتخيلها قادمة من بعيد تهرول نحوى حاملة حقيبتها ... مبتسمة ... عيناها تقولان لى "لن أتركك وحدك" ... لن أحتمل الحياة بدونك ولهذا سأحتمل التغيير بجوارك ... نعم ... فبجوارها ممكن أن أتحمل فشل التجربة لكن بعيداً عنها قد لا أفرح بالنجاح ... صوت الباعة الجائلين وهم يتجادلون على الأسعار مع المسافرين يعلو ... أنظر إلى ساعة المحطة ... كم هى كبيرة ... كم من العيون نظرت إليها من قبل؟ ... ترى من منهم عاد ومن منهم غادر إلى الأبد؟ ... كم منهم وصل سالماً؟ وكم منهم لم يصل إلى مبتغاه؟ ... باقى ثلاث دقائق ... كان من الممكن أن نجد حلاً وسطاً لكن العناد سيطر على عقولنا ... هل ستأتى على الأقل لتودعنى؟ ... تقترب نحوى ببطء والحزن يعلو وجهها ... تحمل فى يدها باقة من أزهارى المفضلة لأحتفظ بواحدة منها بين طيات كتاب لتذكرنى بها فيما بعد ... تطلب منى ألا أنساها ... أن أعود إليها فى أقرب وقت لنكمل معاً رحلة الحياة ... توصينى ألا أنظر لغيرها ... أن أحفظ عهدها ... أن أصونها فى قلبى ... باقى دقيقتان ... صيحات الوداع تتعالى من حولى بتحرك قطار آخر ... دمعات تذرف ... ضحكات تعلو ... نظرات ... بسمات ... باقى دقيقة ... لماذا لا تأتى؟ حتى لو تعاتبنى على رحيلى ... على تركى لها ... عيناها تحمل دمعاً لفراقى ... أيهما أفضل لى أن أسعى وراء حلم ... أم أتمسك بما حصلت عليه فعلاً؟ ... لو أنها وافقت على السفر معى ... لكنت الآن فى أسعد لحظات حياتى ... صوت يعلن اقتراب القطار من المحطة ... تعلو صيحات الحمالين وهم يجولون بين المسافرين لحمل حقائبهم ... كان من الممكن أن أقنعها ... أو أبقى معها ... بدونها اللحظات لا قيمة لها ... الحياة بدونها ستكون بلا قيمة ... نعم أنا أحبها جداً ... لكن أحلامى !! ... صوت صافرة القطار يعلن وصوله إلى رصيف المحطة ... يبدأ المسافرون فى الركوب ... والقادمون فى النزول ... عبارات الوداع ... عبارات الترحيب ... أحضان اللقاء بعد الغياب الطويل ... سلام الوداع ولا أحد يدرى إن كان الوداع الأخير أم أن اللقاء قريب ... حمال يسألنى هل يحمل حقائبى ... أثق أنها قادمة ... ربما كانت الآن أمام المحطة مترددة فى المجيء ... ألا أحظى بفرصة رؤيتها قبل الرحيل؟ ... ألا نحظى معاً بلحظة خاصة؟ ... صوت الحمال يعيد سؤاله؟ ... ضجيج المسافرين والمودعين يملئ أذنى لكن همساتها تأخذنى منهم ... عيناها تسحرنى بعيداً عما حولى ... صوت الحمال يلاحقنى "يا أستاذ القطار من هذا الاتجاه ... حقائبك يا سيدى!!!" ... وجدتها أمام محطة القطار ... كانت تحمل باقة الزهور ... وفى اليد الأخرى حملت تذكرتين للقطار التالى.
الأحد، 24 أغسطس 2008
يومين من السعادة
هما يومين من حياتى عشت فيهما سعادة بالغة لم أكن أتصور أن أمر بها من قبل لأننى قابلت مجموعة من الأشخاص الرائعين وهم المدونين
اليوم الأول: مشروع بؤجة الخير
وصلت متأخراً (على غير عادتى) وفى صحبتى حوريتين من الجنة (زوجتى الحبيبة وابنتى رقية) كان أول من قابلت الأخ الجميل / خالد صاحب مدونة همس الأحباب المتعاون بشدة مع كل من حوله ثم عرفنى على الأستاذ / أحمد كمال صاحب مدونة رحايا العمر ولست أدرى ما السبب الذى جعلنى أشعر بمجرد أن نظرت فى وجهه أنه أخى الكبير، هو دمث الخلق إلى حد فوق الوصف وتشعرك ابتسامته المرحبة براحة كبيرة، ثم عرفتنى آبى من ابنتى رقية ووجدتها مثل مدونتها تمتلئ بالحيوية والحركة والنشاط، جاءت جلستى بجوار أحمد الصباغ صاحب مدونة خالو أحمد الصباغ والذى يشعرك من اللحظة الأولى أنك صديقه القديم الذى افتقدك منذ فترة ثم قابلت أحمد سووو صاحب مدونة عجوز وعندى 30 سنة وأحمد سكر، لم تطل جلستى معهم فبعد أن صلينا الجمعة اضطررت أسفاً أن أنصرف لارتباطى بمواعيد أخرى لكن السعادة بهذه المقابلة كانت أكبر مما تخيلت.
اليوم الثانى: حفل توقيع مدونات مصرية للجيب (مصر فى قطعة جاتوه)
هذه المرة وصلت مبكراً وكان المكان فى ساقية الصاوى ولم أجد أحداً من العاملين هناك يعلم أن حفل التوقيع هو اليوم (السبت 23/8) ولا أحد يعلم فى أى قاعة هو وكان لا بد أن أكتشف بنفسى مكان الحفل وأثناء مرورى بين القاعات رأيت الصباغ وبمجرد أن رآنى أشار لى من بعيد وابتسامته تعلو وجه وقابلنى بالحضن كأصدقاء منذ سنوات ثم عرفنى على كنز بشرى تملئه الطيبة والسماحة والمحبة وهو أمر ليس بغريب حينما تعرف أن هذا الكنز هو الأب الروحى لكل المدونين الأستاذ / أبو خالد صاحب مدونة ذكريات أبو خالد والذى ما أن تراه حتى تجد نفسك تناديه بـ (بابا) رغم أنها أول مرة تقابله وكان بصحبته كنز آخر هو الدكتور محمود صاحب مدونة بطوط حبوب (الأحسن من صورته بكثير) وتحدثنا كثيراً كأننا نعرف بعض منذ زمن بعيد ثم بدأت فقرات حفل التوقيع (وكان أحمد الصباغ يدور فى كل مكان لالتقاط الصور وقد مازحته بأننى سآخذ نسخة من هذه الصورة وانشرها فى هذا البوست وقد تقبل ذلك بصدر رحب جداً) بعد أن اشتريت الكتاب حصلت على أول توقيع على الاطلاق فى الحفل من الأستاذ / أحمد كمال (رحايا العمر) والذى أسعدنى لقائه مرة أخرى وكذلك قابلت خالد همس الأحباب وبسمته سفير محبة بين الناس وصاحب الشخصية الجميلة أحمد سوو صاحب مدونة عجوز وعندى 30 سنة الذى تشعر فوراً أنك أمام شاب جدع جداً ومصرى قوى ثم جاءت المصادفة الجميلة بلقاء أخت تحترم عقلها بشدة وهى دعاء صاحبة مدونة مواجهات وحصلت منها على توقيع على الكتاب رغم أنها لم تشارك فى هذا العدد ثم كتب لى أبينا أبو خالد كلمة طيبة فى صفحات الكتاب وخالد همس الأحباب وأحمد سكر الذى تحبه فور أن تتكلم معه ثم توقيع أشرف توفيق صاحب مدونة أخف دم (وهو فى منتهى التواضع) ثم قابلت الثنائى الرائع شفقة وإحسان ويا رب أدم عليهما السعادة والهناء إلى الأبد ثم توقيع الشاعر الجميل محمد فكرى ثم توقيع مروة جمعة صاحبة مدونة صباح الورد ثم توقيع مها زين صاحبة مدونة إنها الحياة وبعد كثير من الكلام والضحك اضطررت مرة أخرى للانصراف مبكراً لكن هذه المرة محمل بمخزون من السعادة كافى لمواجهة ضغوط الحياة لفترة طوووووويلة قادمة.
كلمة أخيرة:
إنهم شباب مصريين يحبون مصر جداً ولديهم مواهب جميلة جداً وحقيقية جداً سعدت بلقائهم لأنهم إيجابيين لا يحلمون لمصر بغد أفضل ولكنهم يسعون لجعل مصر أفضل، فبعد أن شبعنا شعارات سعدت أن أجد أن هناك من لديه القدرة على تحقيق واقع جميل.
أشكركم من كل قلبى وأوجه لكم تحية صادقة.
الخميس، 14 أغسطس 2008
ذكريات للبيع
لدواعى الفقر
(محتويات الشقة للبيع)
لافتة غريبة وجدتها معلقة على إحدى الشرفات ورغم أننى لا أملك شيئاً من حطام الحياة إلا أن الفضول دفعنى للدخول إلى الشقة لأرى المعروض فيها للبيع ... وربما لم يكن الفضول هو دافعى الحقيقى ولكن أن أعرف أن هناك من هو أكثر فقراً منى والذى يعرض محتويات بيته للبيع للهرب من دوامة الفقر الكئيب.
حين دلفت إلى الشقة (وهى شقة صغيرة مكونة من حجرتين وصالة) رأيت رجلاً عجوزاً يجلس فى أحد أركان الصالة يقرأ الجريدة ... أى فقير هذا الذى يجد ثمن الجرائد ... كان أشيب الشعر وقد غاب جزء من شعره عن رأسه ... مجعد الملامح ...يرتدى ملابس عادية ... ابتسم فى وجهى وقام من مجلسه.
بادرنى قائلاً: "لابد أنك هنا من أجل اللافتة" ... أشرت بنعم، اتسعت ابتسامته وهو يقول: "عاين ما تشاء فى أى غرفة" ... استطرد وهو يشير إلى أحد الأبواب: "إلا هذه الغرفة" سألته: "ولما هذه الغرفة بالذات؟" أجاب بعدم اكتراث: "لأنها خاوية ولا شيء بها" ... قلبت بصرى فى المكان فوقعت عينى على راديو عتيق جذبنى لأننى أحب الأشياء القديمة ... اتجهت إليه لأراه عن قرب ... قبل أن أسأله عن أى شيء قال: "عفواً هذا ليس للبيع" سألته عن السبب فأجاب إنه هدية من زوجته الراحلة ثم أشار بجوار النافذة إلى كرسيين هزازين وهو يقول: "ولا هذان الكرسيان أيضاً ... فها هنا كنا نحتسى الشاى معاً" ... ثم أكمل مشيراً إلى ساعة عتيقة معلقة على الحائط: "وهذه أيضاً فقد اشتريتها فى ذكرى زواجنا الأول ... سألته: "أى الأشياء إذن معروض للبيع؟" صمت قليلاً ثم تنهد وقال فى هدوء وهو ينظر إلى محتويات الغرفة: "أتدرى ... ربما أى من هذه الأشياء لن يصلح مطلقاً للبيع ... فكل جزء من هذا المكان يحمل ذكرى خاصة داخل نفسى لن أحتمل الاستغناء عنه ... يبدو أننى مضطر لرفع اللافتة" ... سار بهدوء نحو الشرفة ورفع اللافتة ثم عاد إلى الداخل ... نظرت إليه نظرة دهشة فقال لى: "لا تتعجب يا عزيزى فسؤالك كشف لى أنى لن أستطيع التخلى عن الماضى ... فكل الماضى محمل بذكريات لا غنى عنها ... لا يمكن للمرء أن يبيع ماضيه يا عزيزى".
الاثنين، 4 أغسطس 2008
عاشقاً إحسان
الخميس، 24 يوليو 2008
السينما (فيلم المفاجأة)
إنه الفن السابع الذى ألهب خيال الملايين منذ قرن من الزمان صعد بالبعض إلى عنان السماء من شهرة أو مال وهبط بآخرين إلى الحضيض حينما فشل فى التعلق بأذياله لقد شكل هذا الفن وجدان ملايين البشر عبر رحلة امتدت مائة عام أو يزيد قليلاً كان السبب فى خير أصاب البعض كما كان السبب فى شرور عدة أصابت آخرين وأعتقد أنى أشهد الآن واحداً من شروره التى تصيب الناس والسبب هو ذلك الفيلم المعروض الآن بإحدى دور العرض والتى كانت منذ شهر واحد فقط واحدة من دور العرض التى لا تلقى إقبالاً من الجماهير فأصبحت الآن الوحيدة التى يتهافت عليها الناس فى مدينتنا الضخمة وقبل أن أخبركم بالسبب أود أولاً أن أخبركم عن صاحب دار العرض هذه.
إنه رجل لا تاريخ له ظهر فجأة إلى حياة الناس فقبل أن يشترى هذه السينما لم يكن أحد يعرف عنه شيئاً وكل ما قيل عنه يبدأ فقط منذ اشترى هذه السينما ولا أحد يعرف عنه شيئاً قبل هذا كما أنه رجل أقل ما يوصف به أنه غريب حقاً فلا أحد يدرى أين يعيش ولا أحد يدرى إن كان له عائلة أم لا والأسوأ هو أنه لم يشاهد قط من قبل أى إنسان خارج هذه السينما حتى أن البعض قد رجح أنه يعيش داخل حجرة مكتبه القابعة أعلى دار العرض وهو دائما يرتدى نفس البذلة السوداء الحالكة ذات القميص الأبيض الناصع ورباط العنق القصير ذو اللون الأحمر القانى أما بشرته فهى بيضاء تماماً كأنما لم يتعرض للشمس قط أشيب الشعر كأنما بلغ من العمر أرذله ورغم هذا فهو يبدو دائماً موفور الصحة وأجمع من رأه أنه لا يبتسم قط هذا هو الرجل الذى أحدثكم عنه.
أما دار العرض نفسها فكانت من قبل واحدة من تلك الدور التى لا تلقى قبولاً من الجماهير ورغم أن حالها لم يتغير كثيراً منذ اشتراها هذا الرجل إلا أنها أصبحت الآن دار العرض الوحيدة التى تجتذب المشاهدين وهى تعرض الفيلم الذى دفعنى للكتابة الآن فهذا الفيلم حينما عرض فى دور عرض أخرى لم يستمر عرضه سوى يومين اثنين فقط حتى أن إحدى قاعات العرض رفعته بعد العرض الأول وأجمع النقاد الذين شاهدوه أنه لا يمكن أن يصنف على أنه فيلم بالأساس أو أنه ينتمى لعالم الفن أصلاً فما الذى دفع بهذا الفيلم إلى الصف الأول رغم أنه لا يعرض إلا بدار عرض واحدة؟ ... إنها الشائعات ... الشائعات هى التى تغير من أراء الناس واتجاهاتهم فقد أشيع أن من يدخل الفيلم فى هذه الدار تحديداً فإنه يرى وجهه بوضوح بين وجوه المجاميع هائلة العدد التى تظهر فى عدة مشاهد من الفيلم ومما غذى سريان هذه الشائعة أن بعضهم (وربما كانوا من المأجورين) قد أقسم أن وجهه قد ظل معروضاً على شاشة العرض بين وجوه الكومبارس لمدة قاربت على دقيقة كاملة وأنه كان يرى ملامحه بكل وضوح وقد قال آخر أنه ذهل تماماً حينما رأى وجهه على الشاشة رغم أنه كان مسافراً إلى إحدى الدول العربية ولم يعد إلا هذا الأسبوع فقط مما يستحيل معه احتمال تصادف وجوده فى مكان تصوير أحداث هذا اللغو الذى يطلق عليه فيلم سينمائى، هذه الشائعة التى سرت بين الناس سريان النار فى الهشيم دفعت الآلاف من البشر للتزاحم أمام دار العرض الغريبة هذه وهو ما شجع إحدى دور العرض لعرض الفيلم مرة أخرى فى قاعتها الرئيسية إلا أن أى من مشاهديه لم يحدث معه ما حدث مع الدار الأخرى أبداً فتم رفعه من العرض مرة أخرى.
وأكثر ما يثير حنقى هى تلك اللوحة الهزلية التى يعلقها صاحب دار العرض أمام الباب وكتب عليها باللون الأحمر والأرضية السوداء "قبل أن تخطو إلى الداخل عليك أن تستعد للمفاجأة" وهى تستثمر بشكل أو بآخر تلك الشائعة كما تستثمر اسم هذا الفيلم الأحمق والذى سماه صانعوه "المفاجأة".
كان هذا نص المقال الذى كتبته ونويت أن أرسل به للمطبعة كى ألحق الطبعة الأولى لكن خبراً تم بثه من دقائق معدودة جعلنى أأجل إرساله لحين معرفة ما تسفر عنه الأمور، كان الخبر يقول أن خبير الخدع السينمائية الشهير حسام الشاذلى (الذى عمل لفترة طويلة فى استوديوهات هوليود مع أعظم مخرجيها وعاد منذ عامين ليستقر هنا) كان هذا الخبير يعلن رفضه المطلق لمثل هذه الشائعة وأنها لا تخرج عن كونها خدعة متقنة بشكل ما من أحدهم وأنه سيذهب بصحبة بعض أرقى الخبراء فى مجال البصريات وعلم النفس والسينما والأشعة بصفته خبير فى الخدع السينمائية ومعهم أدواتهم لكشف زيف الخدعة التى يتعرض لها جمهور هذا الدار وأنه يتحدى صاحب دار العرض أن يدعوهم لإجراء هذه التجارب، وفى صباح اليوم التالى كان الخبر يتصدر صفحات كبرى الجرائد اليومية من مختلف ميولها (سياسية – أدبية – رياضية فضلاً عن الفنية حتى أن الأمر تخطى حدود الوطن إلى جرائد الدول العربية المختلفة) وحتى صباح اليوم التالى لم يصدر عن صاحب دار العرض أى تعليق كل ما حدث أن مدير دار العرض صرح تصريح مقتضب لإحدى الصحف المغمورة قليلة الانتشار بأن ما يحدث فى دار العرض لا يعرف عنه شيئاً وأنه لا يملك أى معلومات للنشر حول هذا الصدد وكان هذا التصريح الصغير كفيلاً بأن يرتفع توزيع الصحيفة المغمورة إلى أرقام فلكية فى هذا اليوم وهو ما آثار حفيظة حسام الشاذلى الذى كرر تحديه مرة أخرى وهو أكثر ثقة بنفسه عن ذى قبل وانتظر الجميع ما قد يسفر عنه هذا التحدى ولكن هذا لم يمنع أو يخفف الزحام الغير عادى أمام باب دار العرض التى أعلنت عن فتح أبوابها 24 ساعة للجماهير لمشاهدة الفيلم كما لو كانت تتحدى المشككين فى الأمر، أما صناع الفيلم أنفسهم فلم يتكلم أحد منهم للصحافة أو الراديو أو التليفزيون أو حتى مواقع الإنترنت ولا بحرف واحد بل احتجبوا جميعاً عن الأنظار تماماً واصبح من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن يصل إليهم صحفياً أو مذيعاً حتى أن منتج الفيلم ومخرجه قد سافرا إلى خارج البلاد حتى تنتهى هذه الزوبعة المحيطة بالفيلم وهو أمر مريب آخر فهى فرصة لصناع الفيلم وممثليه للظهور أمام عدسات الكاميرات والصحافة ليزدادوا شهرة وثراء لكن أى من هذا لم يحدث أبداً ... فقط صمت مريب سيطر على الوضع وهو ما دفع مزيد من الجماهير إلى محاولة الحصول على تذكرة دخول العرض بأى ثمن وهى فرصة لم يفوتها البعض فارتفع ثمن التذكرة من عشرة جنيهات إلى مائة جنيه فى ثلاثة أيام فقط إلا أن الزحام لم يتأثر أبداً فقد أتى الجميع بين مصدق للخبر ويريد أن يرى وجهه على شاشة العرض وبين متشكك جاء ليتأكد بنفسه وبين مكذب جاء ليفضح الكذبة ولهذا وجدت الصحافة والتلفزيون مقراً دائماً لها أمام باب دار العرض لمحاولة الحصول على تصريحات من الجمهور بعد خروجه لكن التصريحات تضاربت تماماً فهناك من أكد الخبر وأقسم على ذلك وهناك من نفاه تماماً وهناك من قال أنه رأى من يشبهه بين جموع الكومبارس دون أن يتأكد إن كانت هذه ملامحه فعلاً أم لا وعلى هذا لم نحصل بعد على إجابة شافية بالمرة ... فكل شيء متعلق بهذه الشائعة تجده ضبابياً ولا يوحى بحقيقة قاطعة ... أغرب ما شدنى لهذه الحكاية هو موقف الجهات الرسمية التى أجمع كل مسئولوها على رفض التعليق على الأمر رغم أن حالة البلبلة هذه مستمرة لشهر كامل حتى الآن كما لو أن الأمر يحدث فى بلد آخر غير البلد الذى هم مسئولين فيه.
أخيراً ظهر صاحب دار العرض بعد خمسة أيام من الصمت المطبق ليعلن أن ما يحاوله حسام الشاذلى لن يؤثر إلا عليه وطاقمه بالسلب وينصحه ألا يقدم على ما أزمع القيام به ورغم ذلك فهو يرحب به هو ومن أراد من فنيين أو خبراء للحضور لاستجلاء الحقيقة والتى زعم صاحب دار العرض فى تصريحه أنه حريصاً عليها كحرصنا جميعاً، وهنا جن جنون حسام الشاذلى وأعلن أنه سيزور دار العرض الليلة ومعه طاقم كامل لكشف الحقيقة سواء كانت شائعة أم خداع بصرى أو أى شيء آخر فإنه سيعلن نتيجته بكل شجاعة وبكل صراحة.
وفى المساء احتشد آلاف من البشر أمام باب دار العرض وآلاف أخرى من ناقلى الأخبار سواء لصحف أو تلفزيونات أو مواقع الانترنت أو حتى هؤلاء الفضوليين والمتطفلين وهكذا تحولت المنطقة التى تقع بها دار العرض إلى ما يشبه يوم الحشر وما أن ظهرت السيارات التى تقل حسام الشاذلى ومعاونيه ومعداته حتى انقضت عليهم الصحافة والتليفزيون للحصول على تصريح منه لكن علامات الحزم والجدية المصاحبة للصمت المطبق منه ومن معاونيه صرفت عنه هذا الحشد حتى دخلوا إلى قاعة العرض والكل يأمل أن ينجلى غموض هذا اللغز الليلة سواء بتأكيد الظاهرة ومن ثم البحث عن أسبابها ومحاولة الاستفادة من نتائج البحث بعد ذلك أو بنفى الظاهرة تماماً ومن ثم البحث عن مصدر الشائعة أو منفذ الخدعة لمحاسبته على هذه البلبلة التى سرت بين الناس طوال شهر كامل.
واستمر وجود هذا الحشد أمام باب دار العرض لمعرفة الأخبار عند انتهاء الفريق من أبحاثه بهذا الشأن ... لكن لا أحد يعلم ما الذى حدث هذه الليلة على وجه اليقين فقد أجمع الآلاف المتواجدين أمام باب دار العرض على نفس الرواية وهى "أنه بعد بدأ العرض بحوالى ثلاث دقائق سمعوا صرخات مدوية تنم عن فزع شديد صادرة من داخل دار العرض مصحوبة بأنوار باهرة جداً حتى أن كل الحشد المتواجد أمام باب دار العرض قد أغمض عينيه من شدة الإضاءة حتى هؤلاء المتواجدون على مسافة بعيدة من دار العرض ثم اختفى الضوء فجأة وساد صمت ثقيل على المكان ولم يجرؤ أحد على الدخول إلى دار العرض إلا ثلاثة أو أربع شبان هرولوا إلى داخل دار العرض بعد أن ساد الظلام بداخلها وكانت هذه هى المرة الأخيرة التى شوهدوا فيها على الاطلاق فلم يكرر أحد هذه الفعلة إلا بعدما وصلت قوات الشرطة التى فرضت حصاراً شديداً على المكان وأبعدت المحتشدين تماماً" ولمدة ثلاثة أيام متواصلة كان التعتيم على ما حدث هو سيد الموقف وكان التصريح الوحيد الذى أدلى به أحد المسئولين من الشرطة خلال هذه الأيام الثلاثة "أن الأمر ما زال فى إطار البحث والتقصى عن الحقائق وأن المكان سيظل مغلقاً لحين الوصول إلى نتائج" وبعد هذه الأيام الثلاثة خرج أحد المسئولين بتصريح مقتضب أشار فيه إلى أن الجهات المعنية تعتبر الأفراد الذين تواجدوا فى دار العرض هذه الليلة فى عداد المفقودين وأنها ستغلق هذه الدار تماماً وتمنع الدخول إليها مع مصادرة كل النسخ الخاصة بالفيلم المعروض وقتها ومنعها من العرض وكذلك ستمنع القائمين على هذا الفيلم من السفر لحين الوصول إلى نتائج نهائية فى هذا الشأن.
بعد شهر آخر من هذه الأحداث أغلقت جهات التحقيق هذا الملف وأمرت بهدم دار العرض وإعدام نسخ الفيلم واعتبرت أن ما حدث أمر لم تتمكن جهات التحقيق من جلاء سره، وهكذا أصبح الأمر من الأمور الغامضة التى لم تجد لها حلاً أبداً وإن كنت أعتقد أن هذا الأمر سيخلف من وراءه زوبعة تمتد لزمن بعيد قادم.
القاهرة 15 من أكتوبر 2013
عثر على هذه الأوراق ضمن مذكرات الصحفى المرموق (يوسف إسماعيل) بعد أن أبلغ ذويه عن اختفائه الغامض منذ عدة أيام ولا يزال التحقيق مستمراً حول واقعة اختفائه.